كذب “الإسلامويين” الصريح على المغرب.. “بلا حياء بلا حشمة”!

Maersk detroit

لا تزال الأبواق الإعلامية المنتسبة إلى الإسلام السياسي، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين المصرية، مصرّة على الاستمرار في دعايتها الكاذبة تجاه المغرب وسلطاته، بحجة أكثر كذبا عنوانها “دعم غزة”، وكأن دعم غزة لا يستقيم إلا عبر مهاجمة الأنظمة العربية على اختلاف مواقفها من المذبحة الجارية. ولأننا معنيون في هذا المقال بمناقشة ما جاء ضد المغرب، فلن نتطرق إلى باقي هجماتهم تجاه الحكومات العربية في المشرق العربي.

آخر ما جادت به قريحة “نجومهم” في وسائل التواصل، ما ورد على لسان المدعو “أسامة جاويش”، الذي حاول صنع “ترند” من بضاعة قديمة سبق الحديث عنها قبل ثلاثة أشهر، ونعني بها شحنات شركة ميرسك التي قيل أنها توقفت في ميناء طنجة، في طريقها لإسرائيل. “إعادة تدوير” نفايات جاويش واختيار عناوين لها من قبيل “المغرب وآلية الإبادة: دعم لوجستي لحرب إسرائيل على غزة”!!، واعتبار أن “المغرب شريك في الإبادة”، بل “المغرب يدعم إسرائيل بالسلاح” مع المفهوم الدلالي للكلمات المستخدمة في العناوين!! ناهيك عن كونه قمة في الوقاحة، لأننا مع الإعلاميين الإسلامويين لم نتوقع يوما شيئا أقل، مصداقا لما نسب لنبينا الكريم: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، فإنه مبالغة في الكذب الصريح والتدليس ولوي عنق الحقائق، وهو تخصص إسلاموي آخر، يشتركون فيه مع حلفائهم القومجيين وخصومهم “المتصهينين” على السواء، كتفا بكتف وذراعا بذراع. ومع ذلك، ورغم اتضاح هدف الفيديو، سنسجل عليه بعض الملاحظات المهنية، التي من شأنها أن تسلب المدعو جاويش الحق في الظهور الإعلامي، لو كان يعمل في مؤسسة مهنية أصلا (قناة مكملين).

بداية، هو يعتبر كل ما تقيأه من معلومات “حقائق”، ويعتبر جميع ردود شركة “ميرسك” في خانة “المزاعم” ويكرر هذا المصطلح طيلة الفيديو، ولا ندري ما هو الأساس الذي اعتمد عليه في هذا التصنيف. فالشركة وإن اعترفت بأنها تشحن “قطعا وأجزاء تستخدم في برنامج صناعة طائرة الإف 35 للعديد من الدول وليست إسرائيل فقط بناء على عقد مع الحكومة الأمريكية” فإنها أكدت أنها لا تحمل أي نوع من الأسلحة او الذخائر، وهي الحمولة المنضبطة بمعايير محلية (الولايات المتحدة) ودولية. قد نتجادل من الناحية اللغوية التقنية في اعتبار أجنحة او محركات الطائرة “أسلحة” أو غير ذلك، لكن الأمانة العلمية التي لم يسمع بها جاويش وأمثاله، كانت تحتم عليه اتخاذ مسافة من الخبر، مؤكديه ونافيه، لكنه يعلم أن عدم استخدام مصطلحات “السلاح الذي تقصف فيه غزة” و “شركاء الإبادة” لن تجعل أحدا يضغط على الخبر، لاسيما وأنه معاد تدويره من مادة منشورة في أبريل الماضي. تدليس آخر طال عملية التوقف في ميناء طنجة، إذ تم وضعها في إطار “الشراكة في الإبادة”، ونزع عنها الطابع التقني التجاري، وهو المبرر الذي ساقته الشركة لاختيار طنجة بدلا من موانئ الجزيرة الخضراء أو فلنسيا أو مارسيليا.

نأتي “لمشاركة المغرب في الإبادة”، المبنية على وقوف السفينة المذكورة في محطة ميرسك بميناء طنجة (بالمناسبة هي تمتلك محطة خاصة بها في ميناء طنجة، وهو التفصيل الذي اعتبره جاويش غير مهم وأغفله)، فالحقيقة التي لا نشك أن المدعو جاويش ومصادره في “ميدل إيست آي” و “القدس العربي” اختاروا تجاهلها بشكل متعمد، هي أنه لا توجد في سجلات الميناء ما يؤكد بشكل رسمي أو حاسم، توقف سفينتي “ميرسك ديترويت” و “ميرسك نيكسو” اللتان يفترض أنهما تبادلتا تفريغ شحنة “الأسلحة” من الأولى للثانية في ميناء طنجة. وأن جل ما تناقلته المعلومات هو “تزامن” مرور السفينتين “بالقرب من مدينة طنجة”، وأن “ميرسك ديترويت” قامت “بإبطاء سرعتها أكثر من المعتاد”، لكن وبما أن راوي القصة هو خريج مدرسة “الإخوان المسلمين” الإعلامية، فهو مستعد للدوس على الفرق بين “توقف السفينتين في ميناء طنجة” و “تزامن مرور السفينتين بالقرب من طنجة”؛ بل إنه لن يتنازل عن روايته حتى لو كان قبطانا لأحد السفينتين، فالمدرسة التي ينتمي إليها جاويش تؤمن -أكثر من عتاة الليبراليين- بأن “الغاية تبرر الوسيلة”، وليسوا على استعداد للتأمل ولو للحظة في عبارة ألبير كامو العظيمة: “الهدف (أو الغاية) الذي تستعمل في الوصول إليه وسيلة غير مشروعة، هو قطعا هدف غير مشروع”!!

ولا أدل على ما سبق من سلسلة الأكاذيب التي تم ترويجها عن المغرب بحجة “مناهضة التطبيع” من قبل إسلامويين وقومجيين، وبعض المنتمين إليهم في المغرب نفسه. وعليه، كان يسيرا عليهم أن يتحول تبادل للهدايا بين قائدي سلاح الجو في المغرب وإسرائيل، خلال زيارة معلنة، في فبراير 2023 (أي قبل طوفان الأقصى بثمانية أشهر) إلى عناوين من قبيل: “المغرب يكرم قاتل أطفال الدكتورة آلاء النجار)!! وهو ما انبرى إليه المدعوان محمد العربي زيتوت وعبد الرزاق المقري، المنتميان إلى نفس الثقافة الإخوانية. كما أن المدعو يوسف حسين يصر في كل حلقة على أن قافلة الصمود المغاربية تم الاعتداء على أفرادها بالضرب في الأراضي المصرية، متجاهلا بشكل متعمد على الأغلب بأن القافلة المذكورة لم تتجاوز حدود مدينة سرت الليبية، وعادت أدراجها إلى تونس بعد أن حققت الأهداف التي خرجت من أجلها، وزين أفرادها من “المناضلين” صفحاتهم في الفيس بوك بسيلفياتهم المبتسمة تحت العلم الفلسطيني!!

كخلاصة، بإمكان من شاء الاتفاق أو الاختلاف مع القرار السيادي للمغرب بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وأن يناقش ما يراه خطأ أو صوابا، مفيدا أو مضرا للقضية الفلسطينية، لكن “الجريمة” المهنية والأخلاقية هي في تلفيق الوقائع، وترويج الأكاذيب، وتدليس الحقائق، واختيار العناوين المثيرة الوقحة، من أجل التهجم على “المغرب” هكذا بالمطلق، ولا عذر في ما قد يكيلونه من مدح داخل الخبر أو الفيديو عن الشعب المغربي -على استحياء-. بل إن المدعو المقري، الرئيس السابق لحزب إسلامويي “الجنرال توفيق” في الجزائر، لم يستطع تمالك نفسه من الغضب تجاه عدم قيام المغاربة “بثورة” على نظامهم “المطبّع”، دون أن يخجل من حقيقة أن نظام بلاده العسكري الذي هو أحد أزلامه، لم يسمح بقيام مظاهرة تأييد واحدة لغزة التي يتباكون عليها!!

نقول هذا الكلام دون أن يكون لدينا أي أوهام حول أدنى تغيير محتمل في سلوك الإعلاميين والنخب المنتمية للإسلامويين والقومجيين، إذا سيبقى الكذب والوقاحة هما سلاحاهما الأثيران، بطريقة لا ينافسهم فيها إلا خصومهم من المتصهينين!

حول المؤلف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *