The impact of climate change on food security: between deadly scarcity and devastating abundance!

يُعدّ التغير المناخي أحد التحديات الأكثر إلحاحًا وتعقيدًا التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، فهو لا يهدد النظم البيئية الطبيعية فحسب، بل يمتد تأثيره ليطال كافة جوانب الحياة، ومن أبرزها الأمن الغذائي. تتناول هذه الدراسة أثر التغير المناخي على الأمن الغذائي، مع التركيز بشكل خاص على المنطقة العربية، وذلك من خلال استعراض شامل لمفاهيم التغير المناخي، مظاهره، أسبابه، وآثاره المتعددة، ثم الانتقال إلى تحليل مفهوم الأمن الغذائي وعناصره الأساسية وكيف يتأثر بالتغيرات المناخية.
فهم التغير المناخي: المظاهر، الأسباب، والمسؤولية
يشير مصطلح التغير المناخي إلى التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. يمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، ولكن منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي للتغير المناخي، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى حرق الوقود الأحفوري (مثل الفحم والنفط والغاز) الذي ينتج غازات حابسة للحرارة.

مظاهر التغير المناخي
تتجلى مظاهر التغير المناخي في ظواهر متعددة تُلاحظ حول العالم، منها:
ارتفاع درجة حرارة الأرض: تُعدّ هذه الظاهرة هي المؤشر الأبرز، حيث تشهد درجات الحرارة العالمية ارتفاعًا مطردًا، مما يؤدي إلى موجات حر شديدة وغير مسبوقة في مناطق مختلفة.
ذوبان الجليد والأنهار الجليدية: يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ذوبان سريع للكتل الجليدية في القطبين والمناطق الجبلية، مما يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر.
ارتفاع مستوى سطح البحر: نتيجة لذوبان الجليد وتمدد المياه بفعل ارتفاع درجة حرارتها، يرتفع مستوى سطح البحر، مما يهدد المدن الساحلية والمناطق المنخفضة بالغرق.
تغير أنماط هطول الأمطار: تشهد بعض المناطق زيادة في الهطول، مما يؤدي إلى فيضانات، بينما تعاني مناطق أخرى من جفاف متزايد ونقص في الأمطار.
زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة: تشمل هذه الظواهر الأعاصير، الجفاف، الفيضانات، العواصف الرملية، وموجات الحرارة الشديدة، والتي أصبحت أكثر تكرارًا وحدة.
تحمض المحيطات: يمتص المحيط ثاني أكسيد الكربون الزائد من الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى زيادة حموضته، وهذا يؤثر سلبًا على الكائنات البحرية ذات الأصداف والكائنات التي تُشكّل الشعاب المرجانية.
أسباب التغير المناخي والمسؤولية
السبب الرئيسي وراء التغير المناخي الحالي هو الانبعاثات البشرية لغازات الاحتباس الحراري، والتي تعمل كغطاء يحبس الحرارة في الغلاف الجوي للأرض. وتشمل هذه الغازات بشكل أساسي:
ثاني أكسيد الكربون (CO2): الناتج بشكل رئيسي عن حرق الوقود الأحفوري (النفط، الغاز الطبيعي، الفحم) لتوليد الطاقة، والنقل، والصناعة، وإزالة الغابات.
الميثان (CH4): ينبعث من مدافن النفايات، وزراعة الأرز، وتربية الماشية، وإنتاج الوقود الأحفوري.
أكسيد النيتروز (N2O): ينبعث من الأنشطة الزراعية والصناعية وحرق الوقود الأحفوري.
الغازات المفلورة: وهي غازات صناعية قوية، على الرغم من انبعاثها بكميات صغيرة، إلا أنها تمتلك قدرة عالية على حبس الحرارة.

تاريخيًا، تُعدّ الدول الصناعية الكبرى هي الأطراف الأكثر مسؤولية عن التغير المناخي. فقد أسهمت عمليات التصنيع التي بدأت في القرن الثامن عشر في تراكم كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. دول مثل الولايات المتحدة، دول الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، والتي كانت في طليعة الثورة الصناعية، تتحمل مسؤولية تاريخية كبيرة. وفي العقود الأخيرة، أصبحت اقتصادات صاعدة كبرى مثل الصين والهند تساهم بشكل كبير في الانبعاثات الحالية، نظرًا لنموها الصناعي السريع واعتمادها على الوقود الأحفوري.
الآثار القريبة والمتوسطة والبعيدة على حياة البشر وتكلفتها
تمتد آثار التغير المناخي لتشمل كافة جوانب حياة البشر على كوكب الأرض، وتتفاوت هذه الآثار من حيث قربها وشدتها:
الآثار القريبة (الآنية): تشمل زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، تدهور جودة الهواء، وتفشي بعض الأمراض المنقولة بالنواقل بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار. تؤدي هذه الظواهر إلى نزوح السكان، وتدمير البنى التحتية، وخسائر اقتصادية فورية.
الآثار المتوسطة (السنوات القادمة): تشمل تزايد ندرة المياه، انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية، تفاقم مشكلة التصحر، ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل، وزيادة الهجرة المناخية. تؤثر هذه الآثار على الأمن الغذائي والمائي، وتزيد من التوترات الاجتماعية والصراعات على الموارد.
الآثار البعيدة (العقود والقرون القادمة): تتمثل في تغيرات لا رجعة فيها في النظم البيئية، مثل انقراض الأنواع، انهيار الشعاب المرجانية، وذوبان الصفائح الجليدية الكبرى مما سيؤدي إلى ارتفاع كارثي في مستوى سطح البحر. قد تؤدي هذه الآثار إلى كوارث إنسانية واسعة النطاق، وانهيار اقتصادي عالمي، وتغيرات جيوسياسية جذرية.
أما التكلفة، فهي هائلة ومتزايدة. تشمل التكلفة المباشرة الأضرار التي لحقت بالممتلكات والبنية التحتية نتيجة الكوارث الطبيعية، وخسائر الإنتاج الزراعي، وتكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالأمراض المناخية. أما التكاليف غير المباشرة، فتشمل فقدان التنوع البيولوجي، وتدهور جودة الحياة، وتكاليف التكيف مع التغيرات المناخية، وتكلفة النزاعات المحتملة على الموارد. تشير التقديرات إلى أن تكلفة التغير المناخي يمكن أن تصل إلى تريليونات الدولارات سنويًا، وقد تُقوّض النمو الاقتصادي العالمي بشكل كبير.
سبل مواجهة التغير المناخي وتوزيع الأعباء
تتطلب مواجهة التغير المناخي استراتيجيات شاملة ومتعددة المستويات، تشمل:
التخفيف (Mitigation): يهدف إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي. ويتم ذلك من خلال:
الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة (الشمسية، الرياح، الكهرومائية).
تحسين كفاءة استخدام الطاقة في الصناعة والمباني والنقل.
تطوير تقنيات احتجاز وتخزين الكربون.
حماية الغابات وإعادة التحريج (زراعة الأشجار).
تغيير أنماط الزراعة لتقليل انبعاثات الميثان وأكسيد النيتروز.
التكيف (Adaptation): يهدف إلى التكيف مع الآثار الحتمية للتغير المناخي التي لا يمكن تجنبها. ويشمل ذلك:
تطوير بنى تحتية مقاومة للظواهر الجوية المتطرفة (مثل السدود، أنظمة الصرف الصحي المحسنة).
تطوير سلالات محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة.
نظم إنذار مبكر للكوارث الطبيعية.
تحسين إدارة موارد المياه.
تخطيط حضري يراعي تحديات التغير المناخي.
توزيع أعباء هذه المواجهة يُعدّ قضية معقدة ومثيرة للجدل. الدول المتقدمة، كونها المسؤولة تاريخيًا عن الجزء الأكبر من الانبعاثات، يُتوقع منها أن تتحمل العبء الأكبر في تمويل جهود التخفيف والتكيف في الدول النامية. وقد تم التعهد بإنشاء صناديق مالية لدعم الدول النامية في جهودها المناخية، مثل “الصندوق الأخضر للمناخ”. ومع ذلك، لا يزال هناك خلاف حول حجم هذه الالتزامات وكيفية الوفاء بها.
هل يدفع المسؤولون عنه ثمنا كافيا لعلاجه؟ ولماذا الدول النامية؟
الجواب البسيط على ما إذا كان المسؤولون عن التغير المناخي يدفعون ثمنًا كافيًا لعلاجه هو لا. على الرغم من التعهدات والاتفاقيات الدولية مثل اتفاق باريس، فإن وتيرة خفض الانبعاثات لا تزال أبطأ بكثير مما هو مطلوب للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية. تُظهر العديد من الدول الصناعية ترددًا في اتخاذ إجراءات جذرية بسبب المخاوف الاقتصادية قصيرة المدى، وتأثير جماعات الضغط من صناعات الوقود الأحفوري، والتحديات السياسية.
أما عن سؤال: لماذا تكون الدول النامية الأقل تلويثًا للبيئة مسرحًا لأكبر تبعات هذا التلوث؟ يرجع ذلك لعدة أسباب رئيسية:
الموقع الجغرافي: تقع العديد من الدول النامية في مناطق جغرافية أكثر عرضة لآثار التغير المناخي، مثل المناطق الساحلية المنخفضة، والمناطق القاحلة وشبه القاحلة، والمناطق المعرضة للأعاصير.
القدرة التكيفية المحدودة: تفتقر الدول النامية إلى الموارد المالية والتكنولوجية والبشرية الكافية لبناء بنى تحتية قوية، وتطوير أنظمة إنذار مبكر، وتنفيذ استراتيجيات تكيف فعالة.
الاعتماد على القطاعات الحساسة للمناخ: تعتمد اقتصادات العديد من الدول النامية بشكل كبير على الزراعة، وهي قطاع شديد التأثر بالتغيرات في أنماط الطقس وندرة المياه.
البنية التحتية الضعيفة: تُعدّ البنية التحتية في هذه الدول غالبًا غير قادرة على الصمود أمام الظواهر الجوية المتطرفة، مما يزيد من حجم الأضرار والخسائر.
الديون والفقر: تعاني العديد من هذه الدول من مستويات عالية من الديون والفقر، مما يقيد قدرتها على الاستثمار في جهود التكيف والتخفيف.

الأمن الغذائي: المفهوم، العناصر، والتأثر بالتغير المناخي
يُعرّف الأمن الغذائي بأنه الحالة التي يتمتع فيها جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاجتماعي والاقتصادي على الغذاء الكافي والآمن والمغذي، لتلبية احتياجاتهم الغذائية وتفضيلاتهم من أجل حياة نشطة وصحية. يعتمد الأمن الغذائي على أربعة عناصر أساسية مترابطة:
- توافر الغذاء (Food Availability): يشير إلى وجود كميات كافية من الغذاء من خلال الإنتاج المحلي أو الواردات أو المساعدات الغذائية.
- إمكانية الوصول إلى الغذاء (Food Access): يعني أن لدى الأفراد القدرة الاقتصادية والمادية للحصول على الغذاء، سواء عن طريق الشراء أو التبادل أو وسائل أخرى.
- الاستفادة من الغذاء (Food Utilization): يتعلق بكيفية استخدام الجسم للغذاء من أجل الصحة الجيدة، ويتطلب ذلك مياه نظيفة، وصرف صحي، ورعاية صحية مناسبة، ومعرفة بالتغذية.
- استقرار إمدادات الغذاء (Food Stability): يشير إلى أن توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه والاستفادة منه يجب أن تكون مستقرة على مر الزمن، دون تقلبات كبيرة أو صدمات مفاجئة.
عناصر أساسية تؤثر في الأمن الغذائي وتتأثر بالمناخ
تعتمد هذه العناصر الأربعة على مجموعة من العوامل الحيوية، وأبرزها:
المياه: تُعدّ المياه العنصر الأهم للإنتاج الزراعي، حيث تُستخدم لري المحاصيل وتربية الماشية. ندرة المياه أو تلوثها يؤثر بشكل مباشر على توافر الغذاء وإنتاجيته.
التربة والأسمدة: تُعدّ التربة الخصبة ضرورية لنمو المحاصيل. تدهور جودة التربة، والتصحر، ونقص المغذيات (التي توفرها الأسمدة) يقلل من الإنتاجية الزراعية.
البذور المحسنة: تلعب البذور عالية الجودة والمحسنة دورًا حاسمًا في زيادة غلة المحاصيل ومقاومتها للآفات والأمراض.
البنية التحتية الزراعية: تشمل شبكات الري، والطرق، ومرافق التخزين، والأسواق، وهي ضرورية لضمان وصول الغذاء من المزارع إلى المستهلكين.
رأس المال والتقنيات الزراعية: الاستثمار في البحث والتطوير، والتقنيات الحديثة، والآلات الزراعية يُعزز من الإنتاجية والكفاءة.
السياسات الحكومية: تلعب السياسات الزراعية، والتجارية، والمائية، والبيئية دورًا محوريًا في تشكيل الأمن الغذائي.
كيف يتأثر الأمن الغذائي بالتغير المناخي؟
يُعدّ التغير المناخي المحرك الرئيسي للعديد من التحديات التي تواجه الأمن الغذائي، وذلك من خلال تأثيراته المتعددة على عناصر الإنتاج والتوزيع:
تأثير ارتفاع الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة:
انخفاض الغلة الزراعية: تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى إجهاد حراري للمحاصيل، مما يقلل من نموها وإنتاجيتها. كما تؤثر على دورات نمو النباتات، وقد تؤدي إلى فقدان كبير في المحاصيل.
زيادة تواتر الظواهر المتطرفة: الفيضانات تدمر المحاصيل وتغرق الأراضي الزراعية، والجفاف يقضي على الإنتاج بالكامل ويؤدي إلى نفوق الماشية. العواصف الشديدة تسبب أضرارًا جسيمة للبنية التحتية الزراعية. هذه الصدمات تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الغذاء ونقص في الإمدادات.
انتشار الآفات والأمراض: ارتفاع درجات الحرارة يُهيئ بيئة مناسبة لانتشار الآفات الحشرية والأمراض النباتية، مما يزيد من الضغط على المحاصيل.
تأثير شح المياه والتصحر:
نقص المياه للري: يؤدي الجفاف وتغير أنماط هطول الأمطار إلى نقص حاد في موارد المياه العذبة المتاحة للري، مما يؤثر سلبًا على إنتاج المحاصيل، خاصة في المناطق التي تعتمد على الزراعة البعلية.
تدهور جودة التربة والتصحر: يؤدي نقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة إلى جفاف التربة وتدهور خصوبتها، مما يُعجّل بعملية التصحر. تقلص الأراضي الصالحة للزراعة يُقلل من المساحة المزروعة وبالتالي من الإنتاج الكلي للغذاء.
تأثير على الثروة الحيوانية: شح المياه ونقص المراعي الطبيعية يؤثر على الثروة الحيوانية، مما يقلل من إنتاج اللحوم والألبان.
تأثير تلوث البيئة:
تلوث المياه والتربة: تؤدي الأمطار الحمضية وتلوث الهواء إلى تلوث مصادر المياه والتربة بالمواد الكيميائية الضارة، مما يؤثر على سلامة الغذاء وصحة المستهلكين.
تأثير على مصايد الأسماك: يؤثر ارتفاع درجة حرارة المحيطات وتحمضها وتلوثها على النظم الإيكولوجية البحرية، مما يقلل من مخزون الأسماك ويضر بقطاع الصيد، وهو مصدر غذائي رئيسي لملايين البشر.
أي من هذه العوامل هو الأكثر أثرًا؟
من الصعب تحديد عامل واحد فقط على أنه “الأكثر أثرًا” بشكل مطلق، فكل هذه العوامل مترابطة وتتفاعل مع بعضها البعض بطرق معقدة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة. ومع ذلك، يمكن القول إن شح المياه والتصحر وارتفاع درجات الحرارة هي أبرز التحديات المباشرة التي تهدد الأمن الغذائي، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، نظرًا لاعتماد الزراعة الكبير على المياه وكونها العامل المحدد للإنتاج في تلك المناطق. الظواهر الجوية المتطرفة، على الرغم من كونها تسبب صدمات كبيرة ومفاجئة، إلا أن تأثيرها قد يكون متقطعًا، بينما تظل مشكلة شح المياه والتصحر مستمرة ومتفاقمة.

الأمن الغذائي في المنطقة العربية وتأثره بالتغير المناخي
تُعدّ المنطقة العربية من أكثر المناطق في العالم تأثرًا بالتغير المناخي وتحديات الأمن الغذائي. فمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) تتميز بخصائص جغرافية ومناخية واقتصادية تزيد من هشاشتها أمام هذه التحديات.
خصائص المنطقة العربية التي تزيد من هشاشتها
الندرة المائية الشديدة: تُعدّ المنطقة العربية من أفقر مناطق العالم من حيث نصيب الفرد من المياه المتجددة. تعاني معظم الدول العربية من إجهاد مائي شديد، وتعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية غير المتجددة، ومياه التحلية المكلفة، والمياه السطحية العابرة للحدود.
المناخ القاحل وشبه القاحل: تغطي الصحاري جزءًا كبيرًا من المنطقة، وتتميز بمعدلات هطول أمطار منخفضة ومتقلبة وارتفاع في درجات الحرارة.
الاعتماد على الواردات الغذائية: تستورد معظم الدول العربية جزءًا كبيرًا من احتياجاتها الغذائية الأساسية (خاصة الحبوب)، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية والاضطرابات في سلاسل الإمداد.
النمو السكاني السريع: يشهد عدد السكان في المنطقة نموًا مطردًا، مما يزيد من الطلب على الغذاء والمياه.
الصراعات وعدم الاستقرار: تعاني بعض دول المنطقة من صراعات داخلية وعدم استقرار سياسي، مما يعرقل جهود التنمية ويُفاقم من مشكلات الأمن الغذائي والمائي.
البنية التحتية الزراعية الضعيفة: في بعض الدول، لا تزال البنية التحتية الزراعية غير كافية، مما يحد من كفاءة الإنتاج والتوزيع.
أثر التغير المناخي على الأمن الغذائي في المنطقة العربية
تتفاقم التحديات المذكورة أعلاه بفعل التغير المناخي، مما يهدد الأمن الغذائي في المنطقة العربية بشكل كبير:
زيادة ندرة المياه: يتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار إلى تفاقم الإجهاد المائي بشكل كبير. سيؤثر ذلك على الزراعة المروية والبعلية، ويقلل من مخزونات المياه الجوفية، ويزيد من تكلفة تحلية المياه.
تفاقم التصحر وتدهور الأراضي: ستشهد المنطقة تزايدًا في عمليات التصحر وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة والجفاف وزيادة العواصف الرملية.
تأثير على الإنتاج الزراعي: ستنخفض غلة المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير، مما يزيد من فجوة الغذاء ويزيد من الاعتماد على الواردات. كما ستتأثر الثروة الحيوانية سلباً.
الظواهر الجوية المتطرفة: ستشهد المنطقة تزايدًا في موجات الحر الشديدة والجفاف الطويل والفيضانات المفاجئة، مما يتسبب في خسائر فادحة للمحاصيل والبنى التحتية الزراعية.
ارتفاع مستوى سطح البحر: يهدد ارتفاع مستوى سطح البحر الدلتاوات الخصبة (مثل دلتا النيل) والمناطق الساحلية المنخفضة، مما يؤدي إلى تملح التربة وفقدان الأراضي الزراعية وتهجير السكان.
اضطراب سلاسل الإمداد: قد يؤثر التغير المناخي على الإنتاج العالمي للغذاء، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء وتأثر الدول العربية المستوردة بشكل كبير.
الهجرة والنزاعات: قد يؤدي تدهور الأمن الغذائي والمائي إلى تفاقم الهجرة الداخلية والدولية، وزيادة التوترات والصراعات على الموارد الشحيحة.
المناطق الأكثر تهديدًا لأمنها الغذائي
من المرجح أن تكون الدول والمناطق التي تعاني بالفعل من ندرة مياه حادة، وتعتمد بشكل كبير على الزراعة البعلية، وتفتقر إلى الموارد الكافية للتكيف هي الأكثر عرضة للخطر. في المنطقة العربية، يمكن أن تشمل هذه المناطق:
منطقة المغرب العربي (الجزائر، المغرب، تونس): تعاني من فترات جفاف متزايدة ونقص في الأمطار، مما يؤثر على إنتاج الحبوب والخضروات.
الشرق الأدنى (الأردن، سوريا، العراق، فلسطين، لبنان): تواجه ندرة مياه حادة، وتدهورًا بيئيًا، وصراعات تؤثر على قدرتها على تحقيق الأمن الغذائي.
القرن الأفريقي (السودان، الصومال، جيبوتي): تعاني هذه الدول بشكل متكرر من الجفاف والمجاعة بسبب ندرة الأمطار والصراعات.
دول الخليج: على الرغم من امتلاكها لموارد مالية كبيرة، إلا أنها تعتمد بشكل شبه كلي على الواردات الغذائية ومياه التحلية، مما يجعلها عرضة للصدمات الخارجية.
conclusion
يُعدّ التغير المناخي تحديًا وجوديًا يهدد الأمن الغذائي العالمي، وبشكل خاص في المنطقة العربية التي تُعدّ نقطة ساخنة لهذه التحديات. إن فهمنا العميق لمظاهر التغير المناخي، أسبابه، وآثاره المتعددة، بالإضافة إلى تحليل شامل لعناصر الأمن الغذائي وكيف تتأثر بالعوامل المناخية، يُعدّ خطوة أولى نحو صياغة استراتيجيات فعالة.
إن السبيل الوحيد لمواجهة هذا التحدي يكمن في مزيج من التخفيف الطموح للانبعاثات، والتكيف الفعال مع الآثار الحتمية، وتعزيز التعاون الدولي، والاستثمار في الحلول المبتكرة. يجب على الدول المسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات أن تفي بالتزاماتها المالية والتكنولوجية تجاه الدول النامية التي تتحمل العبء الأكبر من تبعات هذا التلوث، رغم أنها الأقل إسهامًا فيه.
إن ضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة في المنطقة العربية والعالم يتطلب تحولًا جذريًا في نهجنا تجاه الزراعة والمياه والطاقة، ووضع حماية البيئة في صميم كافة سياسات التنمية. فهل نحن مستعدون لتحمل مسؤوليتنا الجماعية واتخاذ الإجراءات الضرورية قبل فوات الأوان؟