The subordination of national groups and movements to a foreign country under the cover of ideology

Firas Alabsi

كتب: فراس العبسي (مهندس فلسطيني مقيم في المغرب)

عند إسقاط مفهوم العلاقة الاستغلالية القسرية أو السامة على تبعية جماعة أو حركة وطنية لدولة أجنبية تحت غطاء الأيديولوجيا، نجد تشابهًا كبيرًا في الديناميكيات والآليات. هنا، تلعب الأيديولوجيا دور “الغلاف” الذي يبرر هذه التبعية ويجعلها تبدو مقبولة، بل ومرغوبة، للطرف المتضرر (الجماعة أو الحركة الوطنية).

إليك كيفية تطبيق هذا المفهوم:

1. الطرف المسيطر (الدولة الأجنبية) :

الدولة الأجنبية في هذه العلاقة تعمل كـ “المستغل” أو “المتحكم”. إنها تقدم دعمًا (ماليًا، عسكريًا، سياسيًا، إعلاميًا) للجماعة أو الحركة الوطنية، ولكن هذا الدعم ليس بلا ثمن. أهدافها الأساسية هي:

 – توسيع نفوذها:

 تسعى الدولة الأجنبية لمد نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة عبر هذه الجماعة.

 – تحقيق مصالحها:

 تستغل الحركة لخدمة مصالحها الخاصة، والتي قد تتعارض بشكل مباشر مع مصالح الوطن الأم للحركة.

 – خلق وكيل (Proxy):

 تحول الجماعة أو الحركة إلى أداة لتنفيذ أجندتها دون تورط مباشر، أو لتجنب المسؤولية.

– إضعاف الخصوم:

 تستخدم الحركة لزعزعة استقرار دول أخرى أو إضعاف حكومات لا تتوافق مع مصالحها.

2. الطرف المستغل (الجماعة أو الحركة الوطنية) :

الجماعة أو الحركة الوطنية هنا هي “الضحية” أو “المستغلة”. غالبًا ما تبدأ العلاقة بدافع الحاجة إلى الدعم لتحقيق أهدافها المعلنة (مثل التحرر، أو إقامة نظام معين، أو مقاومة احتلال). ومع ذلك، تتحول هذه الحاجة تدريجيًا إلى تبعية كاملة.

علامات الاستغلال والضرر في هذا السياق تشمل:

 – فقدان الاستقلالية في القرار:

 تصبح قرارات الحركة أو الجماعة مرهونة بموافقة الدولة الأجنبية أو تملى عليها.

 – خدمة أجندة الغير:

 بدلًا من خدمة مصالح شعبها أو وطنها، تتحول الحركة إلى أداة لتنفيذ أجندة الدولة الأجنبية.

 – التضحية بالمصالح الوطنية:

 قد تضطر الحركة إلى التنازل عن مبادئ أو مصالح وطنية حقيقية مقابل الدعم الأجنبي.

 – فقدان الشرعية:

 تفقد الحركة شرعيتها تدريجيًا في أعين شعبها أو الفاعلين الإقليميين والدوليين بسبب هذه التبعية.

 -الضرر طويل الأمد:

 على المدى الطويل، تؤدي هذه العلاقة إلى إضعاف الوطن الأم أو تفكك نسيجه الاجتماعي بسبب الصراعات الداخلية المدعومة خارجيًا.

3. غطاء الأيديولوجيا (التحكم النفسي والتبرير) :

الأيديولوجيا هنا تلعب دور “التلاعب النفسي” أو “غسيل الدماغ” الذي رأيناه في العلاقات الفردية. إنها الوسيلة التي تبرر بها الدولة الأجنبية سيطرتها، وتبرر بها الجماعة الوطنية تبعيتها، بل وتتغزل بها.

 – أيديولوجيا مشتركة (مزعومة أو حقيقية جزئيًا):

 قد تكون هناك أيديولوجيا سياسية أو دينية أو قومية مشتركة (مثل الوحدة الإسلامية، أو القومية العربية، أو الشيوعية، أو الديمقراطية) يتم الترويج لها لخلق شعور بالتحالف الطبيعي والمصير المشترك.

 – التبرير الأيديولوجي للتبعية:

 تُقدم الدولة الأجنبية نفسها على أنها “الحامي” أو “السند” الأيديولوجي، وأن دعمها لا يأتي من منطلق مصالح ضيقة، بل من منطلق التزام أيديولوجي مشترك. وهذا يجعل الجماعة تشعر بأنها جزء من مشروع أكبر وأكثر سموًا.

 – تشويه الحقائق وتبرير الضرر:

 يتم تبرير أي تنازلات أو أضرار على أنها “ضرورات” أيديولوجية، أو “تكتيكات” مرحلية، أو “تضحيات” من أجل الهدف الأسمى. يتم تصوير الدولة الأجنبية على أنها “شريك” لا غنى عنه، وأي انتقاد لها يُعتبر خيانة للأيديولوجيا نفسها.

 – خلق الاعتمادية النفسية:

 تُصبح الأيديولوجيا المرتبطة بالدولة الأجنبية جزءًا من هوية الجماعة، مما يجعل الانفصال عنها صعبًا للغاية، لأنه يُنظر إليه على أنه تخلي عن المبادئ الأساسية.

4. الاستمرارية والتغزل (رغم علم الطرف المتضرر) :

الجماعة أو الحركة الوطنية، شأنها شأن الطرف المتضرر في العلاقة الفردية، قد تستمر في هذه التبعية وتتغزل بها (في خطابها الإعلامي، وفي تصريحات قادتها، وفي أدبياتها) رغم علمها بالضرر والاستغلال. هذا الاستمرار ينبع من:

 – الخوف من فقدان الدعم:

 تخشى الجماعة أن تخسر الدعم الذي تعتمد عليه في بقائها أو قوتها.

 – الاعتمادية الكاملة:

 قد تكون وصلت إلى مرحلة لم تعد تستطيع فيها العمل بفاعلية بدون الدعم الخارجي.

 – تغيير الأولويات:

 تتحول أولوياتها من خدمة الوطن إلى الحفاظ على الدعم الخارجي.

 – الإنكار والتبرير الذاتي:

 قيادات الحركة وأتباعها قد يمارسون الإنكار لتبرير استمرارهم، ويجدون حججًا أيديولوجية لمواصلة التبعية.

 – فقدان القدرة على المقاومة:

 بعد فترة طويلة من السيطرة، قد تفتقر الجماعة إلى الإرادة أو القدرة على التحرر من هذه التبعية.

باختصار، العلاقة بين جماعة وطنية ودولة أجنبية تحت غطاء أيديولوجي هي غالبًا علاقة استغلالية قسرية، حيث تستغل الدولة الأجنبية الأيديولوجيا كأداة للتحكم والتلاعب، وتصبح الجماعة الوطنية رهينة لهذه العلاقة، تبررها وتتغزل بها رغم الأضرار الجسيمة التي تلحقها بنفسها وبوطنها.

About the author

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *