حكاية “نجمين”: أسد الأطلس “المشهور” ونمر الأطلس “الغامض”

atlas tiger and lion

في عالم الحيوانات المفترسة، حيث الأضواء مسلطة دائمًا على النجوم، كان هناك “أخوان “نجمان”من عائلة واحدة، “Panthera”، يتنافسان على لقب “سيد جبال الأطلس”. أحدهما كان محباً للشهرة، يزأر بصوت جهوري لتصل أخباره إلى أقاصي الأرض، والآخر كان يفضل حياة النينجا، يتخفى خلف الصخور ويراقب بصمت. إنها حكاية أسد الأطلس (Panthera leo leo) وشقيقه الأصغر، نمر الأطلس (Panthera pardus panthera).

أسد الأطلس: النجم الذي اعتزل الشهرة

أسد الأطلس كان أهم المشاهير في المملكة. لم يكن يحتاج إلى حساب على إنستغرام، فمجرد زئيره كان كافياً لملء القلوب رعباً وهيبة. إنه الأسد الذي وصل وزنه في بعض الأحيان إلى 270 كيلوغرامًا، ويبلغ طوله من الأنف إلى طرف الذيل حوالي 3.3 أمتار. تخيلوا لو كان هذا النجم يقف على الميزان، لاحتلّ الميزان بأكمله!

لكن شهرة هذا الأسد كانت ثقيلة الثمن. بينما كانت الأسود الإفريقية الأخرى تعيش في سهولها الفسيحة، كان أسدنا المتباهي يتسلق الجبال، يتباهى ببدلته الفروية السميكة التي تكسو رأسه وكتفيه. كان يأكل ما يصل إلى 12 كيلوغرامًا من اللحم يومياً، وهو ما يعادل تقريباً وزن خروف متوسط الحجم، ليتدرب على دوره كملك حقيقي.

لكن للأسف، النجومية لا تدوم. آخر ظهور لهذا النجم على المسرح الطبيعي كان في ستينيات القرن الماضي، تحديدًا في الأربعينيات بحسب بعض المصادر، قبل أن يقرر “الاعتزال المبكر” ويختفي تماماً من براري الأطلس. واليوم، لا يوجد منه في البرية أي فرد، بينما يعيش عدد قليل منها في الأسر، في حديقة الحيوانات بالرباط التي تعتبر أكبر مجمع لأصوله في العالم، وكأنها متحف حي لأمجاده القديمة.

نمر الأطلس: النينجا الذي لا يريد الظهور

على الجانب الآخر، كان هناك نمر الأطلس، أو كما يحب أن نسميه “الأخ الأصغر الغامض”. بينما كان أسد الأطلس يزأر لجذب الانتباه، كان نمر الأطلس يفضل الاختباء. هو لا يحب الأضواء ولا التجمعات، بل يتقن فن التخفي لدرجة أن الكثيرين يشككون في وجوده أصلاً.

نمر الأطلس أصغر حجماً من شقيقه الشهير، وأكثر نحافة، ولكن لا تستهن به! فسرعته وذكاؤه في الصيد لا تضاهى. يعيش حياته في عزلة، مكتفياً بوجوده السري. كان يتغذى على الأيل والظباء، وقد شوهد وهو يصطاد المكاك البربري (قردة الأطلس)، ربما لأنه سئم من كثرة أسئلتهم حول “هل رأيت أخاك المشهور؟”.

وعلى عكس أخيه الذي أعلن انقراضه بوضوح، فإن نمر الأطلس لا يزال يثير الجدل. آخر مشاهدات مؤكدة له كانت في ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً عام 1983. لكن هناك بعض التقارير غير المؤكدة التي تتحدث عن وجوده حتى يومنا هذا، وكأن هذا النمر قرر أن يجعل حياته لغزاً لا يُحل.

جدول مقارنة بين الشقيقين (حسب الأرقام!)

الميزةأسد الأطلسنمر الأطلس
الوزن الأقصى270 كجم (نجم ضخم)90 كجم (خفيف الحركة)
الطول3.3 متر (طول قارب صغير)1.9 متر (طول إنسان عادي)
آخر ظهور مؤكدستينيات القرن الماضيثمانينيات القرن الماضي
حالة وجوده اليوممنقرض في البرية (لكن يعيش في الأسر)يُحتمل وجوده (شبح متخفي)
المكان المفضل للصيدعلى الأرض (بصوت عالٍ)على الأشجار (في صمت تام)
الشهرةعالمي (لقب منتخب!)شبه معدومة (ولكن ذلك يسعده)

Export to Sheets

لقد تسبب الصيد الجائر خلال الحقبة الاستعمارية في التعجيل من فناء سادة جبال الأطلس؛ فجلودها كانت مصدر فخر وتباه بين المستعمرين، بل وتجارة رابحة في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، التي نهبت ثروات أفريقيا الطبيعية من أجل متعها الشخصية التافهة. لقد كانت في النهاية معركة غير متكافئة، بين الشجاعة النبيلة والقوة العسكرية الخسيسة، التي تقتل غيلة وخلسة؛ فعلت هذا الأمر مع مقاومي الأطلس والريف الشجعان، كما فعلته مع أسد ونمر الأطلس النبلاء. دون ذلك، كانت جبال الأطلس ستبقى موئلا لهذين الكائنين النبيلين حتى اليوم، لان البيئة المحلية لم تكن يوما عدائية نحوهما، واعتاد إنسان وأرض جبال الأطلس على التفاهم والتناغم مع حيواناتها.

في النهاية، يظل هذان “النجمان” وجهين لعملة واحدة. أحدهما كان مشهورًا، والآخر كان غامضًا، ولكن كلاهما يمثل جزءًا من التراث الطبيعي للمغرب، ويذكرنا بأن بعض الأساطير لا تموت، حتى لو كانت أجسادها قد رحلت.

About the author

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *