Why are the "Knights of Resistance and Struggle" silent about the Turkish-Israeli normalization?

صمت “متوقع”، ذلك الذي أحاط بخبر استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسفيرة الإسرائيلية الجديدة ببلاده، والتي قدمت له أوراق اعتمادها لتنهي قطيعة دبلوماسية استمرت أعواما، لم تنقطع خلالها -مع ذلك- العلاقات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية بين البلدين. أما صفة التوقع، فتخص معسكر “مقاومة التطبيع” الذين اعتدنا منهم أن يختاروا متى يرفعون عقيرتهم بالصراخ والتنديد، وضد من، ومتى يبتلعون ألسنتهم ولا يقتربون من “المطبعين”. معسكر يضم طيفا واسعا من “فرسان المقاومة” في إيران ولبنان واليمن وغيرها، و “أخوانهم في النضال” من إسلاميي وقوميي فلسطين والأردن والمغرب الكبير وغيرها، و “مثقفي الأمتين العربية والإسلامية” ممن احترفوا الدعم اللفظي الحماسي لقضية العرب والمسلمين الأولى، فكرا وأدبا وفنا.
أما ما يزيد من بديهية صمت هذه القبيلة المتنافرة التي لا يجمع شتات أفرادها سوى “الإفلاس” والعجز عن تقديم أي دعم حقيقي لفلسطين قضية وشعبا، تجاه خطوات أردوغان التطبيعية، فهو مزيج من الحرج والخجل والعجز. فكيف تستنكر أفعال من ملأت الدنيا ضجيجا للإشادة ببطولاته المسرحية في دافوس تجاه الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز، و”فتوحاته” في قضية سفينة مرمرة؟! وكيف ترفع عينها، وبالأحرى صوتها، تجاه من استضاف عشرات المؤتمرات القومية والإسلامية، وآوى وأطعم وأنفق آلاف الدولارات على المئات منهم؟! ومن أين تأتي بالجرأة للاعتراف بأن تطبيع تركيا مع إسرائيل، لا يختلف عن تطبيع اتفاقيات السلام الإبراهيمية؟!
لقد واجهت قبيلة العاجزين عن الفعل الحقيقي بالصمت، جميع المراحل التي قادت لتطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية منذ أزيد من خمس سنوات، ولم تتطرق بكلمة واحدة تغضب “ولي النعمة” التركي، إلى زيارات مسؤولي البلدين المتبادلة، أو التصريحات الحميمة بينهم، بينما شحذت ألسنتها، واستحضرت “عنترياتها” وتسابقت لإدانة إقامة علاقات دبلوماسية بين اسرائيل وكلا من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وهو ما يعبر عن إيمانها بأن التطبيع التركي مع اسرائيل مفيد للقضية الفلسطينية، بينما نظيره العربي يلحق أشد الضرر بهذه القضية!!
إن هذه الأصوات الفاقدة للمصداقية، والتي تفننت في الإشادة “بالمواقف الإسلامية الحازمة” للولي الفقيه السيد خامنئي، و”خليفة المسلمين” السيد أردوغان، و”المواقف العروبية الصادقة” للسيد الرئيس بشار الأسد، وأخيه “المجاهد” عبد المجيد تبون، قبلت طواعية أن تحمل وزر أفعال جميع من سبق، وأن تجمع في زمرتهم، وأن تبرر وتسوق أفعالهم بمعزل عن مدى فائدتها أو ضررها بالفلسطينيين وقضيتهم؛ واستسهلت بالمقابل التهجم على تصريحات ومواقف وزراء خارجية الدول العربية التي دشنت علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، رغم أنها لم تتنكر لأي إجماع عربي أو إسلامي داعم لهذه القضية، إن وجد مثل هذا الإجماع أصلا. أما عدم رؤية “قبيلة المفلسين” لأي تناقض في الموقفين فهو إدانة دامغة لهم، ودليل على “سقوطهم الأخلاقي المريع”.
أما أصحاب القضية أنفسهم (الفلسطينيون)، فهم إما صامت لأنه من “معسكر السلام” الذي دشن لعملية التطبيع العربي والإسلامي مع اسرائيل في أوسلو، أو صامت أيضا رغم كونه من “معسكر المقاومة”، لحرمة المس “بالذات الأردوغانية”!! الأمر الذي يشرعن الشك في إشاداتهم السابقة بالمواقف المبدئية “لإيران وتركيا الولي والخليفة”، وإشاداتهم اللاحقة بالمواقف الوطنية “لجزائر جنرالات فرنسا”، ويعفي بذلك “المطبعين” العرب من الحاجة لتفسير خطواتهم السيادية التي أتت استجابة لحساباتهم الوطنية، اتفقنا معها أو اختلفنا.
وكخلاصة، فإن عجز الفلسطينيين عن الاتفاق حول “برنامج وطني” يوضح خارطة طريق نضالهم المشروع، واستمرار العرب في تكرار تمسكهم باسطوانة “مبادرة السلام العربية” التي تجاوزها الزمن، وولدت ميتة أصلا، ووقوف المسلمين حائرين بين هؤلاء وهؤلاء دون معرفة المطلوب منهم بالضبط، واكتفاء “مناضلي المنابر والصالونات” بالنضال من أجل فلسطين شعرا وجعجعة بدون طحن أو قدرة على أي فعل من أي نوع، يرشح القضية الفلسطينة للبقاء طويلا في كنف “الوجدان الشعبي” النقي، والتعاطف الإنساني الصادق لكل صاحب ضمير، بشكل يفصلها عن ساحة الفعل السياسي الفلسطيني والعربي والإسلامي، ومن يقول بعكس ذلك، عليه إثبات العكس!