حكاية خشب العرعار: تحفة متوجة في بلاط الصناعة التقليدية المغربية!

Araar artifacts

هل سمعتم من قبل عن ذلك الخشب الفريد الذي يفوح منه عبير الأصالة والتاريخ؟ لا، لست أتحدث عن البلاط العثماني ولا عن خشب الصندل الهندي، بل عن خشب العرعار المغربي، أو كما يحلو للبعض تسميته “درة الأخشاب” في بلاط الصناعة التقليدية!

قد تسألوني: وما السر في هذا العرعار حتى تكللونه بالتبجيل وتزينونه بالذهب؟ دعوني أحكي لكم الحكاية من الألف إلى الياء، وبأسلوب يداعب الفضول ويشعل الحماس!

العرعار المغربي: ليس كأي عرعار!

تخيلوا شجرة تجلس لقرون وهي تتأمل سماء المغرب الزرقاء وشمسها الذهبية. ليست مجرد شجرة عادية، بل هي فنانة طبيعية تصقل كنوزها في صمت. العرعار المغربي، وتحديداً ذاك المتواجد في منطقة الأطلس الغربي (نعم، بالقرب من الصويرة عروس المحيط!)، ليس كأي عرعار آخر في المتوسط. فبينما قد تجد العرعار هنا وهناك، فإن “عرعار المغرب” يتميز بـ:

الكرم في العطاء: لا يعطينا مجرد خشب، بل يخبئ لنا جواهر مدفونة! فكنزه الحقيقي يكمن في جذوره وعُقده الضخمة المدفونة تحت الأرض (والتي تُعرف علميًا بـ “الثويا بورل”). هذه العقد هي التي تمنح الخشب تلك النقوش المتداخلة والدوامات الغريبة التي تشبه بصمات الأصابع، ولا تتكرر أبدًا!

عطر لا يُنسى: هل شممت يوماً رائحة خشب العرعار الأصيل؟ إنه عطر خشبي دافئ، يمزج بين عبق التراب والأصالة، يجعلك تشعر وكأنك تتنفس تاريخًا وحضارة. هذه الرائحة هي بمثابة “بصمة عشم” تتركها منتجات العرعار في ذاكرتك، فمهما رأيت من أخشاب أخرى، لن تجد مثلها.

لون الحكايات: يأتيك العرعار المغربي بألوان تتراوح بين البني الفاتح الذي يميل للذهبي، إلى البني الداكن المحمر، وكل قطعة تحكي قصة ألوان مختلفة تضفي عليها طابعًا فريدًا.

الصانع المغربي: ساحر الأخشاب بامتياز!

لكن مهلاً، هل يكفي أن يكون لدينا خشب فريد؟ بالطبع لا! فما قيمة الخشب دون من يحوله إلى تحفة فنية؟ هنا يأتي دور الصانع المغربي، هذا الرجل الذي وُلد وفي يديه فن التعامل مع الخشب. إنه ليس مجرد حرفي، بل هو ساحر حقيقي يحول الكتل الخشبية الصامتة إلى قطع تنبض بالحياة!

ما الذي يميز الصانع المغربي؟

الوراثة الفنية: الفن لديه ليس مهنة، بل هو جزء من الجينات. تجد الأب يعلم الابن، والجد يورث الحفيد أسرار المهنة. إنها سلسلة ذهبية من الخبرة تتوارثها الأجيال، تجعل كل قطعة مصنوعة تحمل بصمة تاريخ طويل من الإبداع.

صبر أيوب ودقة الساعات السويسرية: التعامل مع خشب العرعار ليس نزهة في حديقة! إنه يتطلب صبرًا أيوبيًا، ودقة متناهية. فالنقش على تلك الحبيبات المتداخلة يتطلب يدًا ثابتة وعينًا ثاقبة. كل تفصيلة صغيرة، كل زاوية، كل خط، يُصنع بعناية فائقة وكأنها عملية جراحية دقيقة!

فن التطعيم الذي يلامس الروح: يتقن الصانع المغربي فن التطعيم بالخشب (الماركتري) والنحاس وعظم الجمل، ليضيف لمسة سحرية على قطع العرعار. تخيل صندوقاً صغيراً تتجاور فيه قطع العرعار بنقوشها الفريدة، مع خيوط من النحاس اللامع، أو قصاصات من العظم الأبيض، لتصنع لوحة فنية صغيرة تستحق أن تُعرض في أرقى المتاحف!

الإلهام من المحيط: لا شك أن الصانع المغربي يستوحي من كل ما يحيط به؛ من نقوش الزليج، إلى الأبواب العتيقة للمدن، وحتى طبيعة المغرب الخلابة. هذا الإلهام يظهر جلياً في التفاصيل والزخارف التي يضيفها على مصنوعاته.

ختام الحكاية: دعوة لاكتشاف سحر العرعار!

وهكذا، يا عشاق الفضول، تتجلى خصوصية الصناعة التقليدية من خشب العرعار في المغرب. إنه ليس مجرد خشب، وليس مجرد منتج، بل هو قطعة من روح المغرب، تحمل في طياتها عبق التاريخ، سحر الطبيعة، وعبقرية الصانع المغربي الذي يحول الصامت إلى ناطق، والعادي إلى تحفة.

في المرة القادمة التي تصادفون فيها قطعة من خشب العرعار المغربي، تذكروا هذه الحكاية. تذكروا الشجرة الصامدة، والصانع المبدع، والرائحة التي لا تُنسى. فربما تجدون فيها حكاية أخرى تنتظر من يكتشفها!

حول المؤلف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *