محطة نور ورزازات: مشروع رائد عالميًا للطاقة الشمسية في المغرب

king mohammed 6 noor ouarzazat

تُعد محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية مشروعًا رائدًا على المستوى العالمي، يقع على بُعد حوالي 10 كيلومترات من مدينة ورزازات المغربية. يهدف هذا المجمع الضخم إلى تحقيق أهداف المغرب في مجال الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز مكانة المملكة كقائد إقليمي ودولي في مجال الطاقة النظيفة.

الأهمية والاستراتيجية

يُعتبر مجمع نور ورزازات حجر الزاوية في استراتيجية المغرب الطموحة للطاقة، والتي تهدف إلى توليد 52% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030. هذا المشروع لم يقتصر على مجرد توليد الكهرباء، بل كان له أثر استراتيجي كبير في تعزيز الأمن الطاقي للبلاد، وتنويع مصادر الطاقة، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة. يقع المجمع في منطقة تتميز بوفرة الإشعاع الشمسي، مما يجعلها موقعًا مثاليًا لاستغلال هذه الطاقة.

المراحل والقدرة الإنتاجية

تم تطوير مجمع نور ورزازات على أربع مراحل رئيسية، وكل مرحلة تستخدم تقنيات مختلفة لتعظيم الإنتاج:

 * محطة نور 1: تم تشغيلها في فبراير 2016، بقدرة إنتاجية تبلغ 160 ميجاوات. تستخدم هذه المحطة تقنية الطاقة الشمسية المركزة (CSP) التي تعتمد على المجمعات القطعية المكافئة (parabolic troughs) مع نظام لتخزين الطاقة الحرارية لمدة 3 ساعات باستخدام الأملاح المنصهرة.

 * محطة نور 2: بدأت العمليات التجارية في ديسمبر 2018، وتبلغ قدرتها 200 ميجاوات. كما في نور 1، تستخدم هذه المحطة تقنية المجمعات القطعية المكافئة، ولكن بقدرة تخزين حراري محسنة تصل إلى 7 ساعات، مما يتيح استمرار إنتاج الكهرباء بعد غروب الشمس.

 * محطة نور 3: تم تشغيلها في يناير 2020، بقدرة 150 ميجاوات. تتميز هذه المحطة باستخدام تقنية البرج الشمسي (solar power tower)، حيث تقوم مئات المرايا (المستقبِلات) بتوجيه أشعة الشمس نحو برج مركزي لإنتاج البخار وتشغيل التوربينات. تتميز هذه التقنية بكفاءة أعلى وقدرة تخزين حراري تصل إلى 7 ساعات.

 * محطة نور 4: هذه المرحلة تستخدم تقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية (PV) بقدرة 70 ميجاوات. تمثل هذه المحطة إضافة هامة للمجمع، حيث تجمع بين التقنيات المختلفة لضمان أقصى استفادة من الطاقة الشمسية.

تبلغ القدرة الإجمالية للمجمع بعد اكتمال المراحل الأربع 580 ميجاوات، مما يجعله واحدًا من أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم. يغطي المجمع مساحة شاسعة تزيد عن 3000 هكتار، ويُتوقع أن يوفر الطاقة النظيفة لما يقارب 1.1 مليون شخص.

الأثر البيئي والاقتصادي

يُعد الأثر البيئي لمجمع نور ورزازات إيجابيًا بشكل كبير، حيث يساهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 760,000 طن سنويًا، وهو ما يعكس التزام المغرب بمكافحة التغيرات المناخية. ومع ذلك، هناك بعض التحديات البيئية، مثل استهلاك كميات كبيرة من المياه للتبريد وتنظيف الألواح والمرايا، مما يتطلب إدارة حذرة للموارد المائية.

على الصعيد الاقتصادي، كان للمشروع تأثير إيجابي كبير:

 * خلق فرص العمل: وفر المشروع آلاف فرص العمل خلال مرحلتي البناء والتشغيل، مما ساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي.

 * جذب الاستثمارات: نجح المشروع في جذب استثمارات ضخمة من شركاء دوليين ومؤسسات مالية عالمية، مما يعكس الثقة في القدرات المغربية.

 * تطوير القدرات المحلية: ساهم المشروع في نقل التكنولوجيا وتطوير الخبرات المحلية في مجال الطاقة المتجددة، مما يعزز من قدرة المغرب على تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع.

 * الحد من تكاليف الطاقة: يساهم توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تقليل فاتورة استيراد الوقود الأحفوري، مما يوفر العملة الصعبة ويعزز الميزان التجاري للمملكة.

التحديات والآفاق المستقبلية

واجه المشروع بعض التحديات، أبرزها الحاجة إلى استهلاك كميات كبيرة من المياه في منطقة صحراوية، بالإضافة إلى الحاجة المستمرة لتنظيف المرايا والألواح من الغبار للحفاظ على كفاءة الإنتاج.

بالنظر إلى المستقبل، يُعتبر مجمع نور ورزازات نموذجًا يحتذى به عالميًا في مجال التحول إلى الطاقة المتجددة. يعكس المشروع رؤية المغرب الطموحة للاستثمار في المستقبل الأخضر، ويؤكد على قدرته على تنفيذ مشاريع عملاقة ومبتكرة تخدم أهدافه التنموية والبيئية. كما يفتح الباب أمام مزيد من التعاون مع الشركاء الدوليين لتوسيع القدرة الإنتاجية من الطاقة النظيفة وتصديرها إلى أوروبا.

حول الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *