مغاربة السودان.. تاريخ ضارب في القدم

Moroccan Sudanese

تعود أصول المغاربة في السودان إلى هجرات قديمة بدأت في القرن السابع عشر الميلادي، حيث استقر العديد من المغاربة، خاصة العلماء ورجال الدين الصوفية، في السودان. وتشير بعض الروايات إلى أنهم كانوا في طريقهم للحج واستقروا هناك.

التواجد التاريخي والعائلي

يُعرف المغاربة في السودان باسم “قبيلة المغاربة”، وهي من أكبر القبائل السودانية. ويعتز أفرادها بأصولهم المغربية، وما زالوا يحافظون على بعض التقاليد والعادات المغربية. وتنتشر هذه القبيلة في مناطق متفرقة، أبرزها منطقة حلفاية شمال الخرطوم، ومدينة الهلالية بولاية الجزيرة، بالإضافة إلى أكثر من 36 قرية في منطقة المناقل.

العدد والتأثير

يُقدر عدد المنتمين لهذه القبيلة بأكثر من نصف مليون نسمة، وقد كان لهم دور بارز في نشر الإسلام الصوفي والثقافة المغربية في السودان. كما ساهموا بشكل كبير في الحياة السياسية والاجتماعية السودانية، وشغل بعضهم مناصب قيادية هامة، مثل عضو مجلس السيادة عبد الفتاح المغربي، وأول وزير خارجية سوداني بعد الاستقلال مبارك زروق.

تاريخ المغاربة في السودان

يعود تاريخ الوجود المغربي في السودان إلى قرون مضت، حيث لم يكن التواجد مجرد هجرة عابرة، بل كان تأسيسًا لقبيلة متجذرة أثرت وتأثرت بالمجتمع السوداني. بدأت هذه الهجرات في أواسط القرن السابع عشر، وجاءت أغلبها من مدينة فاس المغربية، حاملة معها العلم والمعرفة الصوفية. كانت الرحلة نحو الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحج غالبًا ما تكون السبب وراء استقرار العديد منهم في السودان، إما في طريق الذهاب أو العودة.

كان الوافدون الأوائل يتميزون بكونهم أهل علم وثقافة، وهو ما منحهم مكانة خاصة في المجتمع السوداني. وقد ساهموا في نشر المذهب المالكي والطرق الصوفية، مثل التيجانية والإدريسية، التي جاءت من المغرب. هذا الدور الديني والثقافي أكسبهم احترامًا كبيرًا، وساعد على اندماجهم وتزاوجهم مع السكان المحليين، دون أن يفقدوا هويتهم الأصلية.

تمركزت قبيلة المغاربة في البداية في منطقة حلفاية شمال الخرطوم، ثم انتشرت في مناطق أخرى مثل الهلالية والمناقل. ورغم مرور الزمن، ظل المغاربة في السودان يحتفظون بذاكرة وطنهم الأم، ويعتزون بأصولهم المغربية، وهو ما يظهر في بعض أسماء العائلات التي تحمل اسم “المغربي”.

تجاوز تأثيرهم الجانب الديني والثقافي ليصبح لهم حضور قوي في الحياة العامة. فقد شاركوا بفعالية في الحياة السياسية، وتولى عدد من أبناء القبيلة مناصب رفيعة في الدولة، مما يدل على اندماجهم الكامل في النسيج الاجتماعي السوداني. ورغم اندماجهم، يظل ارتباطهم بالمغرب قائماً، ويُعتبرون جسراً بشرياً وثقافياً بين البلدين. هذا الحضور التاريخي يمثل شهادة على عمق العلاقات بين المغرب والسودان، وتجسيدًا حيًا لروح التعايش والتأثير المتبادل بين الثقافتين.

حول المؤلف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *